الخميس، 26 نوفمبر 2015

المجمع الفقهي العراقي يحرم التسويق الشبكي


السؤال :ما حكم التسويق الشبكي في شركات البيع الالكتروني؟ مع أن من العلماء من أفتى بجوازه كإحدى وسائل التطور، ورأيت من أساتذة الفقه والشريعة قد دخلوا مضمار هذا العمل، أدامكم الله خيمة علينا بإحقاق الحق ونصرة المظلوم برجاحة رأيكم وسداد خطاكم .

الجواب: الدكتور ضياء الدين الصالح 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه:وبعد

فالتسويق أو التسوق الشبكي نوع جديد من المعاملة أو البيع ،عبارة عن برنامج تسويقي يمنح المشاركين فيه شراء حق التوظيف لمزيد من المشاركين، وبيع المنتجات أو الخدمات، والتعويض عن المبيعات عن طريق الأشخاص الذين قاموا بتجنيدهم، فضلاً عن المبيعات الخاصة بهم. ولكي يصبح الشخص وكيلا للشركة لا بد أن يشتري إحدى سلع الشركة ، وبعد دخول المستهلك كوكيل للشركة يبدأ عمله بتكوين شجرة من المستهلكين تسري فيها منتجات الشركة ،فيبدأ بتزكية المنتج وخطة العمل لاثنين من أصدقائه وعند اشتراكهما في الشركة وطلب منتج يصبح من حقه عمولة تحفيزية، ثم بعد ذلك يبدأ هذان الشخصان في نفس السلوك، ولكي نحسب العمولات نقوم بتقسيم الشجرة الموجودة تحت المستهلك الأول إلى قسمين يمين ويسار المستهلك وتحسب العمولات كالآتي: كل 3 مبيعات جديدة يمين و3 مبيعات جديدة على اليسار تحسب 30 دولارا لهذا المستهلك والوكيل كعمولة ويشترط التوازن ما بين الجهة اليمنى والجهة اليسرى لتحقيق العدل في العمولات بحيث يكون لكل مستهلك أو وكيل حد أقصى من العمولات 3150 دولارا في الأسبوع حفاظا على الشركة من الإفلاس ، ويحصل المستهلك أو الوكيل على عمولته على صورة 80 في المائة نقدا و20 في المائه توضع فيما يسمى حصالة الذهب الخاصة به، حتى يصل رصيده إلى سعر سبيكة ذهبية من إنتاج الشركة أو أي منتج آخر من نفس السعر وهكذا كلما جمع المستهلك ثمن السبيكة أو ما يعادلها في الثمن يحصل عليها. وله صور أخرى ذكرها العلماء جزاهم الله خيرا.

وقد اختلف العلماء المعاصرون في حكم هذا النوع من التسويق على قولين:

الأول: تحريمه؛ وهو قول أغلب المجامع الفقهية الإسلامية ،وأكثر أهل العلم من الفقهاء المعاصرين ومن أهل الاختصاص ،وذلك لاشتماله على عدة أمور مبطلة للعقد كالربا بنوعيه النسيئة والفضل، والقمار والغرر والغش والخداع.

الثاني: الجواز وذهب إليه بعض أهل العلم ،لان الأصل في المعاملات المالية الحل، كما هو مقرر في قواعد الشريعة، قال تعالى: ((وَأحلَّ اللَّه الْبيع وحرم الربا)) [البقرة: ٢٧٥]، ولا يعدو التسويق الشبكي أن يكون نوعًا من البيوع الجديدة التي لم يأتِ نصٌّ من كتاب ولا سنة بالمنع منها، فتُرد إلى أصلها من الإباحة. وأنه من باب السمسرة الشرعية.

والراجح والله اعلم :هو تحريم هذا النوع من التسويق للأسباب الآتية التي ذكرها العلماء – جزاهم الله خيرا- ونحن ننقل عنهم:

1-أنها تضمنت الربا بنوعيه: ربا الفضل وربا النسيئة، فالمشترك يدفع مبلغًا قليلاً من المال ليحصل على مبلغ كبير منه، فهي نقود بنقود مع التفاضل والتأخير، وهذا هو الربا المحرَّم بالنص والإجماع، والمنتج الذي تبيعه الشركة للعميل ما هو إلا ستار للمبادلة، فهو غير مقصود للمشترك، فلا تأثير له في الحكمفهو إذن بيع نقود بنقودٍ، وهو من الربا المحرم شرعاً، فالمشترك يدفع مبلغاً قليلاً من المال ليحصل على مبلغ كبير، فالعملية بيع نقودٍ بنقود مع التفاضل والتأخير، وهذا هو الربا المحرم بالنصوص القطعية من كتاب الله عز وجل ومن سنة النبيّ صلى الله عليه وسلم وأجمعت الأمة على تحريمه.

2-أنها من الغرر المحرَّم شرعًا؛ وقد نهي النبيّ صلى الله عليه وسلم عن الغرر، كما صحيح مسلم ،لأن المشترك لا يدري هل ينجح في تحصيل العدد المطلوب من المشتركين أم لا؟ والتسويق الشبكي أو الهرمي مهما استمر فإنه لابد أن يصل إلى نهاية يتوقف عندها، ولا يدري المشترك حين انضمامه إلى الهرم هل سيكون في الطبقات العليا منه فيكون رابحًا، أو في الطبقات الدنيا فيكون خاسرًا؟ والواقع أن معظم أعضاء الهرم خاسرون إلا القلة القليلة في أعلاه، فالغالب إذن هو الخسارة، وهذه حقيقة الغرر، وهي التردد بين أمرين أغلبهما أخوفهما.

3-  هذه المعاملة من باب أكل الشركات لأموال الناس بالباطل؛ حيث لا يستفيد من هذا العقد إلا الشركة ومن ترغب إعطاءه من المشتركين بقصد خداع الآخرين، وهذا الذي جاء النص بتحريمه في قوله تعالى: ((يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل)). [النساء: 29]. فالسلع التي تبيعها الشركة ليست مقصودة لذاتها وإنما هي ستار للعملية، فهي غير مقصودة للمشتركين،فلا أثر لوجودها في الحكم، ولهذا كان اعتماد هذه الشركات في التسويق والدعاية لمنتجاتها هو إبراز حجم العمولات الكبيرة التي يمكن أن يحصل عليها المشترك، وإغراؤه بالربح الفاحش مقابل مبلغ يسير هو ثمن المنتج، فالمنتج الذي تسوقه هذه الشركات مجرد ستار وذريعة للحصول على العمولات والأرباح. ولا يخفى ما في هذه المعاملة من الغش والتدليس والتلبيس على الناس، من جهة إغرائهم بالعمولات الكبيرة التي لا تتحقق غالبًا، وهذا من الغش المحرَّم شرعًا، وقد قال ـ عليه الصلاة والسلام ـ: ((من غشنا فليس منا)) رواه مسلم.

4- وجود القمار في هذه المعاملة فالمشترك يدفع مالاً مخاطراً به تحت تأثير إغرائه بعمولات التسويق التي تدر له أرباحاً كبيرةً إذا نجح في جمع عددٍ كبير من الأشخاص، حيث يعتمد نظام العمولة في شركات التسويق الشبكي على إحضار مشتركين آخرين يقسمهم إلى مجموعتين إحداهما على اليمين والأخرى على الشمال ولا بد من تساوي المجموعتين كي يحصل المشترك على العمولة، والمال الذي دفعه المشترك فيه المخاطرة فربما يحصل على العمولة إذا أحضر العدد المطلوب من المشتركين الآخرين وربما يخسر إذا لم يتمكن من إحضارهم. وهذا هو وجه المقامرة في شركة كويست، ومن المعلوم أن القمار من المحرمات، قال الله تعالى :(( يا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)) [المائدة:90].

 فالمنتج في شركات التسويق الشبكي ليس مقصودًا للمسوقين؛ إنما المقصود الأول والدافع المباشر هو الدخل الذي يحصل عليه المشترك من خلال هذا النظام، ولما كانت الأحكام تُبنى على المقاصد والمعاني لا على الألفاظ والمباني،فإنّ المنتج يسقط عند التكييف الفقهي لشركات التسويق الشبكي، ويصبح الأمر من الوجهة الفقهية لا يعدو كونه تجميع اشتراكات من أفراد تديرهم الشركة، ويدفع فيه الأشخاص الذين هم في أسفل الشبكة حوافز من سبقهم في أعلاها، بالإضافة لعمولة.

5- قول المجيزين: بأن هذا التعامل من السمسرة المشروعة،فغير صحيح؛ إذ السمسرة عقد يحصل السمسار بموجبه على أجر لقاء بيع السلعة، ولا يشترط فيها شراء السمسار لأي شيء ،أما التسويق الشبكي فإن المشترك هو الذي يدفع الأجر لتسويق المنتج، كما أن السمسرة مقصودها السلعة حقيقة، بخلاف التسويق الشبكي فإن المقصود الحقيقي منه هو تسويق العملات وليس المنتج؛ ولهذا فإن المشترك يُسوّق لمن يُسوِّق، هكذا بخلاف السمسرة التي يُسوق فيها السمسار لمن يريد السلعة حقيقة، فالفرق بين الأمرين ظاهر. وعليه فانه ليس من باب السمسرة الشرعية، بل هو من باب الميسر والمقامرة المحرمة؛ لأن المشتركين عادة لا يشتركون إلا بغرض تحصيل المكافآت على إحضار زبائن آخرين، فإذا جلب المشترك عددًا من الزبائن، وحقق شروط الشركة: أخذ عمولته التي قد تزيد أو قد تنقص عن المبلغ الذي دفعه ابتداء، وإذا فشل خسر المبلغ كله، وهذا الاحتمال يُدخِلُ المعاملة في أبواب الغرر والميسر. فالسمسرة لا يشترط فيها شراء السمسار لأي شيء.

 6- وقولهم: أنها من باب عقد الوكالة الجائزة بأجرة ، فغير صحيح أيضا، فالوكيل في عقد الوكالة لا يدفع ليصبح وكيلاً، بل يأخذ الأجرة المتفق عليها بشرطها، بينما في التسويق الشبكي يدفع الوكيل أجرة ليدخل في شبكة التسويق، وهذا يجعل التخريج على الوكالة غير مستقيم.

7- وقولهم: إنها من باب الجعالة الجائزة في الإسلام، والتي يستحقها المشترك عند إتيانه بعملاء جدد للشركة. وهذا أيضا غير صحيح ،لان الجعالة لا يشترط فيها الشراء، بخلاف التسويق الشبكي. و جمهور الفقهاء أوجبوا حقًّا للعامل في الجعالة إن انتفع بجزء عمله صاحب الجعالة، فإنه يشترط في الجعالة عدم استفادة الجاعل من جزء عمل العامل، وقد تقدم إمكانية حرمان المشترك من عمولات من سوق لهم إذا لم يحقق الشرط المطلوب.

8- وقولهم : الأصل في المعاملات المالية الحل ،أجيب عنه: انه قد دخل على هذه المعاملة جملة من الأمور التي يكفي بعضها للنقل عن أصل الإباحة إلى التحريم، ومن ذلك: القمار والغرر وأكل المال بالباطل، فكيف بها مجتمعة!

وأما قولك أخي السائل المكرم:( أن من العلماء من أفتى بجوازه كإحدى وسائل التطور ورأيت من أساتذة الفقه والشريعة قد دخلوا مضمار هذا العمل) ؛فهذا لا يدل على الإباحة ،فالحق لا يُعرف من الرجال ولكن الرجال يُعرفون من الحق الذي معهم،وصدق أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) حيث قال: (اعرف الحق تعرف أهله؛ فإن الحق لا يعرف بالرجال، إنما الرجال هم الذين يعرفون بالحق).وما روى عن ابن عباس (رضي الله عنها) :( ما من أحد إلا يؤخذ من علمه ويترك إلا رسول الله )،وصدق الإمام مالك بن أنس (رحمه الله) :( كلُ أحد يؤخذ من قوله ويرد إلا صاحب هذا القبر عليه الصلاة والسلام).

وخلاصة القول :ان التسويق الشبكي محرمٌ شرعاً، وأنصح المسلمين أن لا ينخدعوا بما تروجه الشركة ووكلاؤها من الربح السريع فكل ذلك من الكسب غير المشروع، وآمل من المتعاملين به أن يبحثوا عن الكسب الحلال، وأن يبتعدوا عن المحرمات، وعن المشتبهات، فقد جاء في الحديث عن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ))الحلال بيّن والحرام بيّن وبينهما مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه، ألا وإن لكل ملك حمى ألا وإن حمى الله محارمه، ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ،ألا وهي القلب)) متفق عليه.

وصلى الله تعالى على معلم الناس الخير سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.


الرابط الاصلي 

1 التعليقات:

  1. معة احتراماتي للسداده البعض يكول ربا والبعض حرام والبعض غير مرخص والمرخص لايعني بلكلمه يعني بهيج حاله جائز وثاني شي الشركه الي احجي عنههه 20 سنه عمرها يعني وين جنتو وهيه من 2005 موجوده واسمهه موجود بغداد اعتقد بمكتب التشغيل للشركات المستثمرة زين ليش مامنعوها من البدايه

    ردحذف